الاثنين، 31 يناير 2011

بغدادُ شعر : محمد بن الطيب الحامدي


شعر : محمد بن الطيب الحامدي

( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،اخوتي الاعزاء أقدم لكم قصيدة ولااروع لشاعرالمبدع محمد ألحامدي )

بغدادُ ! هل تسمعين خفقة النداءْ ؟
أم قد صُمَّ النَّخلُ فيك ؟
والأمطارُ والأنهارُ والفضاءْ ؟
هلْ تسمعين القفر يعوي ؟
بين الشظايا والأشلاءْ
تعبقُ كالبخار
حين تحرق في أرْضك السّماءْ ؟

بغدادُ ! هلْ علّموك الحزن
وقد كنتِ رقراقةً ، لمّاحةً ، شفّافةً
كزهرة الليمون
كنحلة خفّاقة في مزارع الأزمان
هل علّموك الثكل
واليتم والنواحْ
واستباحوا الحوض فيك
بلا شهودٍ ، بلا أحبابٍ ، بلا قرانْ
هل علّموك أن ترفعي السلاحْ
في أدمع الشيوخ والأطفالْ
بعدما قد كنتِ ترفعينْ
من يسقط من بني الإنسانْ ؟

بغدادُ ! هل أنزعوك ملاءة الإباءْ ؟
وأمستْ بين أهدابك
تثوي ضحكة العيون
تحتار الطرْق فيك
والتّخمين والظنونْ ؟
بغدادُ ! ساستنا خساستنا
حين تبرجت في مزارع الأفيون
هم يا مدينة الركام كما الحشيش
على الرّؤوس ينبتون
وفي باريس ولندن وواشنطون
من جدْرانك
من تحنانك
ينفقون وينفقونْ
بغدادُ ! يا سبية الصحاري
والروم والفرس والتتار
والمغول حين تُحرق البراري
وتحرق السماءْ
وتملأ القنابل الفضاءْ
يلطمون ويصرخون ويخطبونْ
ثمّ ، في حمرة الليالي
كالثيران يعمهونْ
يبسطون النّهد والأفخاذ
ثمّ يلعقون
هم يا بغدادُ ! في كلّ أمر
يتاجرون
في الصبايا والبغايا
في الأطفال والنوايا
في القرآن والزوايا
في كل تسبيحة لله
بأبخس الأثمان ، يقايضونْ
همْ ، يا بغدادُ ... ماهم؟
هم إذا اشتد الهول في الشوارعْ
وخافوا الفلاّح في المزارع
والشعر والمطالع
والأذان في الصوامع
والأطفال والعمال والمصانع
والحصى يهمي من لوعة الأصابع
كالخراف يُجْمعون
يدخلون ويخرجون
يكتبون ويمضغون
ثم من دمائنا الحرّى يشربون
من أشلاء أطفالنا يأكلون
بل من فتاوى شيوخنا
حتّى الثمالة يسكرون .


هم يا زهرة الفرات
يا حشرجة الآهات
بأمر القلانس يمسون
وبأمرها يصبحون
حتى رقاب أحفادهم
إذا شاءت يقطعون
حتى سراويل زوجاتهم
لا تنزل إلا بعدما يرضى جلادهم
وساسة عنادهم ، ويسمحون
وفي الصباح
ـ أين من العُرْبِ ذلك الإصباحْ ـ
عن عيونهم العهْرَ يمسحون
وبزيت الكاز يُوَضّؤون
ثمّ للبوارج الراسيات على الجراح
يركعون ويسجدون ...
هم يا بركة الدماءْ
يا حاتمية العطاء
بأمرهم يُزوجون
بأمرهم يطلقون
بأمرهم إذا شاؤوا غادرون ، مجاهدون ، أفّاكون
بل إنهم إذا شاؤوا لهم أن يموتوا
في الموعد الموعود يُقبضون ....


بغدادُ ! يا أسيرة الشرائع
وكلّ حقّ ضائع ...
أحفادك هلهلوا التوحيد
وبدلوا الآيات في المعابد
ليس فيهم إلاّ مكابرٌ معاند
نسوا الحجاج ، نسوا الهارون
أُلبسوا التفريق ، أُلبسوا التشتيت والجنون
وصاروا مثل هولاكو
بالرؤوس يلعبون
والرّوم على بلاط النفط يمرحون ويشتهون
يا علي ، يا محمد ، أي صلاح الدين
حمّ النطاح ، فهل تسمعون ؟؟
الله أكبرْ .... فلا يفهمون
والله واحدْ ... فلا يفهمون
والدين واحدْ .... فلا يفهمون
لا يُقتل الرفيق والشقيقُ والصديقُ
لأجل عظمة يلقيها في الديار
بنو صهيون .... ولا ينتهون
احترق النفط والمسارح
واختفى الممثلون
وكلّ الملفات تبعثرت
وذًبِّحتْ أكباشٌ ....
وكًسِّرتْ قرونْ....
ومازال الجماعة في النحور يطعنون
فهل يا بغداد ! من بعد أن أثخنوك
صبرا ، كما العنقاء تنهضين ؟
هل من تحت الرماد والعناد
من تحت الجفاف والأموات
كما الحياة تنبتين ؟


بغداد لا تحكي ،،، لا تبكي
نعم ، قد أطفؤوا في النهد
آلاف السجائرْ
وخطُّوا على الجلد التجاعيد
وقلَّعوا الأظافرْ
وجرجروا جدائل النخيل
وأطفؤوا الضياء في المحاجر
وقهقهوا ، وصفقوا
كأنك في الكون حمامة يتيمة
ولكن ....
العُرْب وحدهم من يصفقون للهزيمة
من يتقنون الغناء في المذابح
ويبسطون جلدنا
ممراتٍ طويلة كالدمعة الحمراء
لتعبر الفضائح ....
فامضي بغدادُ في الأفقْ
امضي حتى يتشقّق في عروقهم
ذياك الشفق ْ
وامضي بغداد على حافة الجنون
إنّهم على عهد المشانق
ونصب الكمائن والمخانق
باقون كما عهدت قابعون ،،،
امضي وعانقي أذرع الأطفال
وقبلي فيهم شجاعة العيون
وشُدّي على أيديهم تحضن الآلام
والحجارة في الكفّ والأقلام
امضي بغداد ، فما هذي أزمن الرجالْ
وارحلي بالسلام في مغاراة القرون
فنحن بحمدالله
مسالمون ... مسالمون ....
قد حفظنا الدرس ...ولنفاوض
على الدماء والنخاع والعظام
سنشتري بنفطنا وعرضنا
شماعة السلام ....
إنّا ولو قطعونا، ولو أعدمونا
في غياهب الأرحام
ماضون كما يمضي
بين أنياب الذئاب
ذياك الحمام ْ
إنّا ماضون بين الدسائس والعدوان
سنشتري بنفطنا وعرضنا
شماعة السلام ....
محمد بن الطيب الحامدي
الكويت – في زمن الرماد

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

( قسم الصور والتعليقات ) الرجوع للصفحة الأولى اضغط هنا © 2010